الأمر النّفس الأمري في جعل العقل المبنيّ على الوجدان. وقدح مجرّد الاحتمال المتحقّق بالوجدان خروج عمّا فرضنا من حكم العقل في موضوع الدّوران من غير مدخليّة شيء آخر. والغرض : أنّ مجرد الاحتمال لا يخرج الموضوع عن الدّوران.
فإن شئت قلت : إذا فرض تقدّم الامتثال الظّني على الشّكي والوهميّ عند العقل الحاكم في أصل مسألة الإطاعة ومراتبها فلا معنى لقدح احتمال جعل شيء آخر ، وإنّما القادح العلم بالجعل من حيث إنّه رافع لموضوع حكم العقل ؛ ضرورة أنّه لا دوران هنا بين الظّن والشّك والوهم ، بل بينه وبين الامتثال العملي.
فكما أنّ مجرّد وجود الظّن وإن احتمل كونه مجعولا لا يرفع حكم العقل بلزوم الامتثال العلمي عند التّمكّن منه ، كذلك احتمال جعل ما لا يفيد الظّنّ في زمان الانسداد مع التّمكّن من الظّنّ لا يوجب رفع موضوع حكم العقل. فالظّن عند تماميّة مقدّمات دليل الانسداد كالعلم في عدم الحاجة إلى جعل الشّارع لا مثل العلم في عدم إمكان تعلّق الجعل به مطلقا سواء كان من الشّارع أو العقل. وهذا هو المراد من قوله قدسسره : ( والحاصل أنّه كما لا يحتاج الامتثال العلمي ... إلى آخره ) (١).
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٣٣.