القضيّة المهملة في قوّة الجزئيّة (١).
واعترف الجماعة : بأنّه لو قام الدّليل القاطع على حجيّة ظنون خاصّة كافية للإستنباط لم يصحّ التّعدي عنها إلى غيرها من الظّنون ولو لم يتعيّن البعض الخاصّ في المقام ودارت الحجيّة بين الأبعاض من غير تفاوت بينها في نظر العقل ، لزم الحكم بحجيّة الكلّ لبطلان ترجيح البعض من غير مرجّح إلى آخر ما مرّ.
وأمّا لو كان حجيّة البعض ممّا فيه الكفاية مظنونة بخصوصه بخلاف الباقي ، كان ذلك أقرب إلى الحجيّة من غيره ممّا لم يقم على حجيّة ذلك دليل ، فيتعيّن عند العقل الأخذ به دون غيره ؛ فإنّ الرّجحان حينئذ قطعيّ وجدانيّ والتّرجيح من جهة ليس ترجيحا بمرجّح ظنّي ، بل قطعيّ وإن كان ظنّا بحجيّة تلك الظنون فإنّ كون المرجّح ظنّا لا يقتضي كون التّرجيح ظنّيا وهو ظاهر.
والحاصل : أنّ العقل بعد حكمه بحجيّة الظّنّ في الجملة ودوران الأمر عنده بين حجيّة خصوص ما قام الدّليل الظّني على حجيّته من الظّنون ، أو البناء على حجيّة ذلك وغيره ممّا لم يقم دليل على حجيّته من سائر الظّنون ، لا يحكم إلاّ بحجيّة الأوّل لترجيحه على غيره في نظر العقل قطعا ، فلا يحكم بحجيّة الجميع من غير قيام دليل على العموم » (٢). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
__________________
(١) أنظر منطق المظفّر : ١٦٠ ، والحكمة المتعالية : ج ١ / ٢٥٣.
(٢) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٦٢ ـ ٣٦٥.