إلى أن قال :
« فإن قلت : إنّ العقل كما يحكم بحجيّة الأوّل إلى أن يقوم دليل على خلافه ، كذا يحكم بحجيّة الأخير كذلك ، وكما يجعل الثّاني باعتبار كونه حجة دليلا على عدم حجيّة الأوّل ، فليجعل الأوّل باعتبار حجيّته دليلا على عدم حجيّة الثّاني ؛ إذ لا يمكن الجمع بينهما في الحجيّة. فأيّ مرجّح للحكم بتقديم الثّاني على الأوّل؟
قلت : نسبة الدّليل المذكور إلى الظّنين على حدّ سواء ، لكنّ الظّن الأوّل متعلّق بحكم المسألة بالنّظر إلى الواقع ، والثّاني متعلّق بعدم حجيّة الأوّل فإن كان مؤدّى الدّليل حجيّة الظّن مطلقا لزم ترك أحد الظّنين ، ولا ريب إذن في لزوم ترك الثّاني ؛ فإنّه في الحقيقة معارض للدّليل القاطع القائم على حجيّة الظّن مطلقا لا الظّن المفروض ، وحينئذ فلا ظنّ بحسب الحقيقة بعد ملاحظة الدّليل القطعيّ المفروض. وأمّا إن كان مؤدّاه حجيّة الظّن إلاّ ما دلّ الدّليل على عدم حجيّته فلا مناص من الحكم بترك الظّن الأوّل ؛ إذ قضيّة الدّليل المفروض حجيّة الظّن الثّاني ، فيكون دليلا على عدم حجيّة الأوّل ولا معارضة فيه للدّليل القاضي بحجيّة الظّن وساق الكلام في بيان عدم المعارضة ».
إلى أن قال :
« فإن قلت : إنّ مقتضى الدّليل المذكور حجيّة الظّن المتعلّق بالفروع ، والظّن المذكور إنّما يتعلق بالأصول ؛ حيث إنّ عدم حجيّة الظّنون المفروضة من مسائل أصول الفقه ، فلا دلالة فيه إذن على عدم حجيّتها فيندرج تلك الظّنون حينئذ تحت