.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : أنه لا ريب في أن مقتضى العمومات وجوب التمتّع على جميع المكلفين ففي صحيحة الحلبي : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لأنّ الله تعالى يقول (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فليس لأحد إلّا أن يتمتّع» (١). وقد دلّت الآية المباركة على اختصاص ذلك بغير سكنة مكّة ، فكلما دلّ الدليل على إلحاق غير من يسكن مكّة بالساكن فيها فهو وإلّا كان حكمه وجوب التمتّع لا محالة وبما أن من بعد عن المسجد الحرام بأكثر من ثمانية وأربعين ميلاً وإن كان الفصل بينه وبين مكّة بأقل من هذا الحد وجب عليه التمتّع لعدم الدليل على خروجه من العموم فإن المخصص مجمل مردد بين الأقل والأكثر فلا بدّ من الاقتصار في التخصيص على الأقل المتيقن ، فالنتيجة تحديد البعد بالنسبة إلى المسجد.
الثانية : من كان منزله على نفس الحد فهل يجب عليه التمتّع أو الإفراد؟ الظاهر هو الأوّل ، وذلك لأنّ المستفاد من صحيح زرارة أن موضوع الحكم لوجوب الإفراد من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلاً ، وأمّا إذا كان على نفس الحد فلا يصدق عليه أنه دون الحد المذكور فيشمله حكم العام وهو وجوب التمتّع على كل أحد ، ولو شك يجري ما تقدّم من الأخذ بالقدر المتيقن ، لأنّ المخصص مجمل مردد بين الأقل والأكثر ولا دليل على إلحاق من كان على نفس الحد بأهالي مكّة ، فالمرجع نفس الآية الدالّة على وجوب التمتّع على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.
الثالثة : الظاهر أن العبرة في التحديد بمبدإ بلده لا بمنزله وبيته الذي يسكنه ، فحكم ساكن الدار الواقعة في أوّل البلد حكم ساكن الدار الواقعة في آخر البلد ، فلا يختلف حكم سكان بلدة واحدة باعتبار اختلاف منازلهم قرباً أو بعداً ، وذلك لأنه الظاهر من جعل الحد بين المكلف الذي يختلف في أرجاء بلده وبين المسجد الحرام ، ولا خصوصية للدار أو الدكان وما شاكلهما.
الرابعة : لو شكّ في كون منزله في الحد أو في خارجه سواء كان ساكناً في البلاد أو البادية ، ذكر في المتن أنه يجب عليه الفحص ومع عدم تمكنه يراعي الاحتياط ثمّ قال :
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٤٠ / أبواب أقسام الحج ب ٣ ح ٢.