.................................................................................................
______________________________________________________
وثالثها : أنا سنذكر أن الأجير إذا مات في الطريق قبل الإحرام لم يسقط الحج عن ذمّة المنوب عنه فكيف إذا مات قبل خروجه ، وحينئذ فنحمل هذه الروايات على الحج الاستحبابي لا محالة.
وبالجملة : الروايات المزبورة ضعيفة دلالة مضافاً إلى ضعف إسناد بعضها ، فلا حاجة في عدم الاعتماد عليها إلى التمسك بإعراض الأصحاب عنها ، هذا.
وقد يستدل لصاحب الحدائق بمعتبرة إسحاق بن عمّار «عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل أن يحج ، ثمّ اعطي الدراهم غيره فقال : إن مات في الطريق أو بمكّة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزئ عن الأوّل ، قلت : فإن ابتلي بشيء يفسد عليه حجّه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزئ عن الأوّل؟ قال : نعم ، قلت : لأنّ الأجير ضامن للحج؟ قال : نعم» (١) ، فإن المستفاد منها انتقال الحج من ذمّة المنوب عنه إلى ذمّة الأجير لأنه ضامن.
وفيه : أن المعتبرة غير دالّة على الإجزاء قبل الخروج وقبل الشروع في السفر كما هو المدعى ، وإنما تدل على الإجزاء إذا مات قبل انقضاء المناسك والانتهاء من الأعمال كما سنوضحه إن شاء الله تعالى في المسألة العاشرة. وأمّا ضمان الأجير للحج فلأجل إفساده الحج ، فإن الأجير إذا أفسد حجّه بالجماع يجب عليه الحج ثانياً من قابل ، وهذا الحج الذي يأتي به ثانياً أجنبي عن المنوب عنه ، نظير الكفّارة الثابتة على ذمّة الأجير إذا أتى بموجبها.
والحاصل : الروايات التي استدلّ بها صاحب الحدائق غير ظاهرة فيما ذهب إليه. مضافاً إلى ضعف أسانيد بعضها ، هذا كله في موت النائب في منزله وبلده قبل أن يخرج إلى الحج ، وأمّا إذا مات في الطريق قبل الإحرام أو بعده فسنتعرض إلى ذلك في المسألة العاشرة مفصّلاً فانتظر.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ١٨٥ / أبواب النيابة في الحج ب ١٥ ح ١.