.................................................................................................
______________________________________________________
كلام يبرز أمراً نفسانياً ، فالمتكلم عند ما يتكلّم بشيء إنّما يبرز ذلك الأمر النفساني وحينئذ فالمبرز بالفتح قد يكون من الأُمور الاعتبارية كاعتبار شيء في ذمّة المكلف فيبرزه بقوله افعل ، وقد يكون المبرز من الأُمور الواقعية كالاستفهام والتهديد والشوق ونحو ذلك ، وكذلك الحال في الجمل الاخبارية ، فإن المبرز فيها الإخبار عن قيام زيد بالضرب مثلاً ، فإذا قال القائل : ضرب زيد فقد أبرز ما في نفسه وهو الإخبار عن صدور الضرب من زيد ، ولذا ذكرنا أنه لا فرق بين الجمل الاخبارية والإنشائية من هذه الجهة ، ولأجل ذلك لا يتصف الخبر بالصدق والكذب ، ولكن حيث إن المبرز بالفتح في الجملة الخبرية له تعلق بالخارج قد يطابقه وقد يخالفه فيتصف بالصدق والكذب.
والحاصل : لا فرق بين الخبر والإنشاء من جهة الإبراز لما في النفس.
وهكذا الأمر في باب العهد واليمين ، فإن الحالف يبرز التزامه بشيء غاية الأمر مرتبطاً بالله تعالى ، والالتزام أمر حقيقي نفساني نظير الاستفهام والتهديد ، وكذلك العهد ، فإن العاهد يقرر شيئاً في نفسه ويعتبر على نفسه شيئاً مرتبطاً به تعالى ويبرزه بقوله : عاهدت الله ، كما أنه في النذر يعتبر لله على نفسه شيئاً ويبرزه بقوله : نذرت لله على أن أفعل كذا ، فالالتزام النفساني المرتبط بالله متحقق في الموارد الثلاثة ، وإطلاق الموثقة يشمل الجميع.
ثمّ إنّه بعد الفراغ عن صحّة نذر الإحرام قبل الميقات لا حاجة إلى تجديد الإحرام في الميقات وإن مرّ عليه ، كما أنه يجوز له أن يسلك طريقاً لا يفضي إلى الميقات ، لأنّ الممنوع هو المرور بالميقات بلا إحرام ، وأمّا إذا كان محرماً بإحرام صحيح فلا موجب للإحرام ثانياً ، كما لا يجب عليه أن يذهب إلى الميقات ، لأنّ الذهاب إلى الميقات إنما يجب لأجل أن يحرم من الميقات ، فإن كان محرماً فلا موجب للذهاب إلى الميقات ، نعم لا بأس بالتجديد احتياطاً ورجاءً خروجاً عن شبهة الخلاف.
وأمّا ما حكي عن بعض من التفصيل بين ما إذا نذر إحراماً واجباً وجب التجديد وبين ما إذا نذر إحراماً مستحباً استحب له التجديد ، فلا وجه له ، إذ لو كان الإحرام