بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب وإن كانت ذمّته مشغولة بالواجب (١) ولو قبل الاستئجار عنه للواجب ، وكذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب كذلك ، وأمّا الحي فلا يجوز التبرّع عنه في الواجب إلّا إذا كان معذوراً في المباشرة لمرض أو هرم (*) فإنّه يجوز التبرّع عنه ويسقط عنه وجوب الاستنابة على الأقوى كما مرّ (**) سابقاً
______________________________________________________
بعدم الجواز في تلك الرواية إنما هو للتصرف في التركة قبل أداء الحج.
وبعبارة أُخرى : الحكم بعدم الجواز ناظر إلى جهة المال وأنه لا يجوز التصرّف بهذا المال إلّا في سبيل الحج عن الميت ، وليس النظر إلى أنه لا يجوز الحج بغير مال الميت ولو على نحو التبرّع كما هو محل الكلام.
فلا ينبغي الريب في جواز التبرّع عن الميت وهذا الحكم ممّا لا خلاف فيه ، مضافاً إلى السيرة المستمرّة الجارية بين المسلمين.
أمّا الثاني : وهو الحج عن الحي ، فإن كان الحج واجباً عليه فلا يسقط بفعل الغير لعدم سقوط الواجب عن المكلف بإتيان الغير ، نعم ورد في الحي العاجز عن المباشرة إتيان الحج عنه ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في محلّه (١) وذكرنا أن الظاهر من الأدلّة وجوب الاستنابة ، بأن يجهز رجلاً صرورة لا مال له ويبعثه إلى الحج ، فلا يكتفي بالتبرّع ، هذا في الحج الواجب ، وأمّا المندوب فالظاهر جواز النيابة والتبرّع فيه للنصوص ، وقد عقد في الوسائل الباب ٢٥ من أبواب النيابة لاستحباب التطوّع بالحج والعمرة عن المؤمنين أحياءً وأمواتا (٢).
(١) ربّما يشكل ذلك بدعوى أنه مأمور بالواجب وهو متمكن منه على الفرض فكيف يصحّ الحج المندوب عنه.
__________________
(*) أو غير ذلك من الأعذار.
(**) مرّ عدم السقوط.
(١) في شرح العروة ٢٦ : ١٩٤ ذيل المسألة [٣٠٦٩].
(٢) الوسائل ١١ : ١٦٩ / أبواب النيابة في الحج ب ٢٥.