الأمر مجرّدا عن التفاصيل المحتمل اعتبارها غير معلوم ، فيجب الاحتياط.
قلت : تعلّق غرضه فيها بإيجادها بعنوان الإطاعة التي قد عرفت أنّها عبارة عن إيجاد المأمور به بداعي الأمر معلوم ، وقد حصل بالفرض ، وتعلّق غرضه بشيء آخر غير معلوم والأصل ينفيه.
وبما ذكرنا ـ من عدم إمكان تقييد الإطاعة بشيء لا حكما ولا موضوعا ، وأنّ مرجع اعتبار قصد القربة ونحوها في العبادات لدي التحليل إلى تقييد ما به تتحقّق الإطاعة ، أي ذات الواجب لا نفس الإطاعة ـ ظهر ما في الاستدلال لنفي اعتبار معرفة الوجه وغيرها من التفاصيل : بإطلاقات أدلّة العبادات ، كقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١) وقوله تعالى : (لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٢).
توضيح ما فيه : أنّ اعتبار هذه الأمور قيدا في العبادة يمنع من حصول مطلق الإطاعة بدونها ، فكيف ينفي اعتبارها إطلاق الإطاعة!؟
نعم ، يمكن دعوى القطع بعدم اعتبار شيء منها في العبادات من عدم التعرّض لشيء منها في شيء من الأخبار ، مع عموم البلوى بها ، واحتياج العباد إلى معرفتها أكثر من حاجتهم إلى جميع العبادات ، لكونها شرطا في الجميع.
والإنصاف أنّ من شاهد سيرة النبي وأوصيائه صلوات الله عليهم مع أصحابهم في بيان الأحكام الشرعية وبيان أجزاء العبادات ، خصوصا في الأخبار البيانية المشتملة على الواجبات والمندوبات ، الواردة في محلّ الحاجة
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.
(٢) سورة البيّنة ٩٨ : ٥.