من هذه الرواية ، كيف ولو بنينا على حرمة الرياء في سائر الأعمال ، للزم كون أغلب أعمال أكثر أرباب الكمالات حراما حيث لا يقصدون بعملهم إلّا إظهار كمالاتهم ، تحصيلا للمنزلة عند الناس ، ولا يعدّ عملهم من المنكرات عند شيخ المتشرّعة ، مع أنّها لو كانت محرّمة ، لكانت حرمتها ـ لعموم البلوى بها ـ كحرمة الغيبة والكذب معروفة عند العوام ، فضلا عن العلماء.
فالإنصاف أنّه لا ريب في نفي حرمته شرعا في غير العبادات وإن كان مذموما في الغاية لكونه ناشئا من حبّ الجاه الذي ينبغي التحرّز عنه كغيره من المهالك التي تصدّى لبيانها علماء الأخلاق.
وأمّا اعتبار قيد الحيثية في موضوع الحرمة : فلانصراف ما دلّ على الحرمة ، بل صراحة أغلبها في ذلك ، كما لا يخفى على المتأمّل ، بل وكذا ما دلّ على أنّ من عمل للناس كان ثوابه على الناس ، وأنّ الرياء شرك ، وأنّ المراثي مشرك ، وأنّ عمله غير مقبول عند الله تعالى ، لظهور الجميع في وقوع العمل للغير بالعنوان الذي يقع به لله تعالى بقرينة ذكر الثواب وانصراف لفظ «الرياء» و «الشرك في العبادة» إليه.
وأمّا الرياء التبعي الذي لا تأثير له في حصول الفعل وخصوصياته :فلا تأمّل في قصور الأخبار عن إفادة حرمته وإبطاله للعبادة ، بل التأمّل في صدق الرياء عليه ، لأنّ صدق كون العمل رياء فرع استناده إليه وتأثيره فيه.
ومجرّد السرور برؤية الغير وازدياد الشوق بها وقصد حصولها من دون أن يؤثّر في العمل لا يسمّى رياء في العرف واللغة.
هذا ، مع أنّ المتّبع هو أخبار الباب ، وهي مخصوصة بما إذا كان