والمناقشة فيها ـ بضعف السند بعد استفاضتها وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا حتى لم ينقل عن أحد طرحها رأسا ـ ممّا لا ينبغي الالتفات إليها.
واشتمال بعضها على بعض المكروهات ـ كاستقبال الريح واستدبارها ـ أو ما لا يقول أحد بظاهرة ـ كالأمر بالتشويق والتغريب إن لم نقل بأنّ ظاهره ـ بقرينة المقابلة ـ إرادة الميل إلى جهة المشرق والمغرب لا خصوص جهتهما ـ لا يوجب رفع اليد عن ظهور النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في الحرمة ، إذ ما يصلح أن يكون قرينة لذلك ليس إلّا وحدة السياق ، وفي كفايتها بنفسها للصارفية تأمّل ، خصوصا في مثل المقام المعتضد ظهوره بالشهرة ونقل الإجماع والأخبار المستفيضة.
فما في المدارك من تقوية القول بالكراهة نظرا إلى ضعف الإسناد وإشعار بعضها بالكراهة (١) ، ضعيف. (ويستوي في ذلك الصحاري والأبنية) على المشهور ، كما في الجواهر (٢) دعواه نقلا وتحصيلا.
ويدلّ على المساواة وعدم اختصاص الحكم بالصحاري ـ مضافا إلى إطلاقات الأدلّة ـ خصوص النبوي المتقدّم (٣) : «إذا دخلت المخرج» إلى آخره ، بل وكذا النبوي الآخر : «إذا دخلتم الغائط» (٤) إلى آخره ، فإنّ ظاهرهما إرادة الدخول في المكان الذي بني للتخلّي ، فالتفصيل بين
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٥٨.
(٢) جواهر الكلام ٢ : ٨.
(٣) تقدّم في ص ٥١.
(٤) تقدّم في ص ٥٢.