وأمّا عدم إمكان ارتكاب التأويل المذكور بدعوى اختصاص الصحّة بصلاة من لا يعرضه العجب فيما بعد فوجهه واضح ، لأنّ الأمر بالصلاة مطلق ، فلا يعقل اختصاص الصحّة بفعل بعض دون بعض ، لأنّ الأمر يقتضي الإجزاء عقلا.
ودعوى : أنّ حصول العجب فيما بعد كاشف عن فقد شرط وجودي أو عدمي معتبر في ماهيّة الصلاة ، لا أنّ الصفة الانتزاعية معتبرة حتى يتوجّه ما ذكر ، مدفوعة : بأنّ تقييد الواجب المطلق بما لا طريق للمكلّف إلى إحرازه حال الفعل تكليف بما لا يطاق.
سلّمنا إمكان ذلك ، ولكنّه خلاف ظاهر الأدلّة بعد تسليم دلالتها ، لأنّ مفادها أنّ نفس العجب سبب للبطلان ، لا أنّ الوصف الانتزاعي ـ وهو كون المكلّف بحيث لا يعرضه العجب أو ما هو ملزوم لذلك ـ شرط في الصحّة.
وكيف كان ، فلا شبهة في فساد هذا القول ، لاستلزامه بطلان عبادة من صرف طول عمره في عبادة الله تعالى خالصا مخلصا لوجهه الكريم بمجرّد حصول العجب بأعماله السابقة ، فيجب عليه إعادتها بعد التوبة ، فيكون العجب على هذا التقدير أشدّ تأثير في إحباط العمل من الارتداد ، وهو بديهيّ البطلان ، فضلا عن مخالفته للإجماع.
وأمّا العجب المقارن للعمل ، سواء حصل في ابتداء العمل أو طرأ في الأثناء ، فقد سمعت من الجواهر أنّ ظاهر الأصحاب عدم كونه مفسدا ، بل لم يعرف قائلا بخلافه إلّا بعض مشايخه.