أمّا ستر بدنه بعباء ونحوه ـ كما تقتضيه مقابلة البدن بالعورة في عبارة المصنّف رحمهالله ـ فقد صرّح شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ بعدم عثوره على دليل استحبابه (١).
أقول : يمكن استفادة استحبابه من المرسلة المعروفة في الكتب الدائرة على الألسن من أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور (٢) ، فإنّ التستّر بالعباء ونحوه من المراتب الميسورة بنظر العرف ، وسيتّضح لك إن شاء الله عدم قصور قاعدة الميسور عن شمول مثل الفرض ، بل لا يبعد دعوى استفادته من إطلاق الأمر بالتستّر في الرواية الأخيرة.
ودعوى انصرافها عن مثل الفرض قابلة للمنع. (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها) كما عن المشهور (٣) ، بل عن الخلاف والغنية دعوى الإجماع عليه (٤).
واستدلّ له ـ بعد نقل الإجماع المعتضد بالشهرة ـ برواية الحسين ابن زيد عن الصادق عن آبائه عليهالسلام أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال في حديث المناهي : «إذا دخلتم الغائط فتجنّبوا القبلة» (٥).
وعن الفقيه أنّه قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن استقبال القبلة ببول أو
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٦٩.
(٢) غوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ـ ٢٠٥.
(٣) نسبه إليه كلّ من صاحب الحدائق فيها ٢ : ٣٨ ، وصاحب الجواهر فيها ٢ : ٨ ،
(٤) حكاها عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٩ ، وصاحب الجواهر فيها ٢ : ٨ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٦٩.
(٥) الفقيه ٤ : ٣ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.