منه المحلّ قطعا ، كما لو ولغ الكلب في إناء متنجّس ، وفيما نحن فيه تشتدّ نجاسة المحلّ بحيث لا يزيلها إلّا الماء.
لكنّ هذا الوجه إنّما يتأتّى فيما لو باشر النجس برطوبة مسرية ، وأمّا لو استعمله بعد النقاء إكمالا للعدد ـ كما إذا حصل النقاء بحجرين ، وكان النجس ثالث الثلاثة التي أوجبنا استعمالها في الاستنجاء ـ فلا يتمّ هذا الوجه ، كما لا يخفى ، فالعمدة حينئذ هو الإجماع.
واعلم أنّه لا فرق بين الأحجار وغيرها من الأجسام الطاهرة القالعة للنجاسة عدا ما استثني في جواز الاستجمار بها على المشهور ، بل عن الخلاف والغنية الإجماع عليه (١).
والتعبير بخصوص الأحجار في أغلب النصوص والتفاوي ، لغلبتها ، وشيوع الاستنجاء بها ، لا لمدخلية خصوصيتها في موضوع الحكم ، كما يدلّ عليه ملاحظة أخبار الباب ، الدالّة على جواز استعمال الكرسف والخرق والمدار والعود ونحوها ، فإنّ المتأمّل في مجموع هذه الأخبار لا يكاد يرتاب ـ ولو بملاحظة الشهرة ونقل الإجماع ـ في أنّ ذكر هذه الأشياء في الروايات ليس لأجل اعتبارها بالخصوص.
ففي رواية زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «كان الحسين بن علي عليهالسلام بتمسّح من الغائط بالكرسف» (٢).
__________________
(١) حكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٤ ، وانظر : الخلاف ١ : ١٠٦ ، المسألة ٥١ ، والغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٤٨٧.
(٢) التهذيب ١ : ٣٥٤ ـ ١٠٥٥ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.