فما عن السيّد ـ رحمهالله ـ من أنّ عمل المرائي صحيح مسقط للأمر ولكنّه غير مقبول عند الله (١) ، لأنّ الصحّة أعمّ من القبول ، كما يدلّ عليه قوله تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢) وغيره من الآيات ، ضعيف في الغاية ، إذ ـ بعد تسليم إمكان عدم القبول مع كون المأتي به موافقا للمأمور به ، وجواز سقوط الأمر العبادي مع كون العمل مردودا حال كون المكلّف متمكّنا من إيجاد الفعل ثانيا ـ يتوجّه عليه أوّلا ما عرفت من ظهور عدم القبول عرفا في بطلانه.
وأمّا القبول في الآية : فلعلّ المراد منه ـ والله العالم ـ هو القبول الكامل الحسن الموجب لمزيد الأجر وارتفاع الدرجة ، لا القبول الذي يقابله الردّ ـ كما هو ظاهر أخبار الباب بل صريحها ـ حتى ينافي عدمه لقاعدة الأجزاء التي يستقلّ بها العقل ، أو أنّ المراد من القبول معناه الحقيقي ووجه عدم قبول أعمال غير المتّقين : عدم استيفاء عملهم غالبا شرائط التكليف ، فتكون أعمالهم غالبا من قبيل صدقة السارق وصلاة الغاصب ، وقد ورد في الخبر أنّ المراد من المتّقين هم الشيعة (٣) ، فتخرج الآية على هذا التقدير من معرض الاستشهاد.
وكيف كان ، فلا يجوز رفع اليد عن المحكمات بالمتشابهات.
هذا ، مضافا إلى ما عرفت من دلالة الأخبار السابقة على البطلان
__________________
(١) حكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٢٢٢ ، وانظر : الانتصار : ١٧.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٢٧.
(٣) تفسير العيّاشي ١ : ٢٦ ـ ١ ، تفسير البرهان ١ : ٥٣ ـ ٥.