قوله تعالى «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» (١) على أنّ الناس كانوا يستنجون بالأحجار والكرسف ، ولم يكن استعمال الماء في الاستنجاء مشروعا لديهم إلى أن أكل رجل من الأنصار طعاما ، فلان بطنه ، فاستنجى بالماء ، فأنزل الله تبارك وتعالى الآية في حقّه ، فجرت السنّة في الاستنجاء بالماء ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله وبشّره بذلك ، وقد كان الرجل خائفا من عمله حين دعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢) ، فلو قيّدنا أخبار الاستجمار بالأفراد المتعارفة ، لوجب الالتزام بنسخ الحكم الثابت في أوّل الشريعة بالنسبة إلى الأفراد الخارجة عن العادة ، وهو من أبعد التصرّفات لا يصار إليه ، اللهم إلّا أن ينعقد الإجماع عليه ، وفيه تأمّل ، والله العالم.
ولو شكّ في التعدّي ، يبني على عدمه ، للأصل الحاكم على استصحاب النجاسة. (و) قد ظهر لك أنّه (إذا لم يتعدّ) مجموع ما خرج عن الحدّ المتعارف بمقتضى الغالب لو لم نقل مطلقا كما عن الأردبيلي (٣) وجماعة (كان مخيّرا بين الماء و) بين (الأحجار) المزيلة للعين ، كما تدلّ عليه الأخبار المتظافرة ، بل ربما يدّعى كونه في الجملة من ضروريات الدين.
ففي صحيحة زرارة : «ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار» (٤).
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٢٢.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠ ـ ٥٩ ، الوسائل ، الباب ٣٤ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ٣.
(٣) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٢ : ٢٩ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٩٠.
(٤) التهذيب ١ : ٤٩ ـ ١٤٤ ، الإستبصار ١ : ٥٥ ـ ١٦٠ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب أحكام الخلوة ، الحديث ١.