أي المواضع التي يغسلها من وجهه لا المقدار الذي يغسله ، ضرورة أنّ ذلك المقدار ربما لا ينتهي إلى حدود وجهه ، لكبره ، وربما يتعدّى عنها ، لصغره ، مع أنّ عدم وجوب غسل الزائد عن الوجه المعلوم خروجه ، وكذا وجوب غسل ما هو المعلوم دخوله في الوجه ممّا لا شبهة فيه ، فمعنى الرجوع إلى المعتدلين في الخلقة ليس إلّا تعيين حدود وجهه بالمقايسة إلى وجوههم. (ويجب) بل ولا يصحّ الوضوء إلّا (أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن ، فلو غسل منكوسا ، لم يجزئه على الأظهر) الأشهر ، بل عن بعض (١) نسبته إلى المشهور. وعن بعض (٢) حواشي الألفيّة : دعوى الاتّفاق عليه.
ويدلّ عليه رواية قرب الإسناد عن أبي جرير الرقاشي ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليهالسلام : كيف أتوضّأ للصلاة؟ فقال عليهالسلام : «لا تعمق (٣) في الوضوء ولا تلطم وجهك بالماء لطما ، ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا ، وكذلك فامسح على ذراعيك ورأسك وقدميك» (٤).
وقد ناقش في دلالتها شيخنا المرتضى رحمهالله : بأنّ الأمر فيه محمول على الاستحباب قطعا ، لتقييده بكونه على وجه المسح في مقابل اللطم (٥).
__________________
(١) حكاه عن العاملي في مدارك الأحكام ١ : ١٩٩ صاحب الجواهر فيها ٢ : ١٤٨.
(٢) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٢ : ١٤٨.
(٣) في قرب الإسناد : لا تغمس.
(٤) قرب الإسناد : ٣١٢ ـ ١٢١٥ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢٢.
(٥) كتاب الطهارة : ١١٠.