وفيه : أنّ رفع اليد عن ظاهر الطلب بالنسبة إلى بعض القيود الواقعة في حيّزه بدليل خارجي لا يوجب رفع اليد عن ظاهره بالنسبة إلى ما عداه ، كما لو أمر المولى عبده بضرب زيد أوّل الصبح في داره ، وعلم من الخارج أنّ بعض هذه الخصوصيّات غير لازمة المراعاة لديه ، فلا يرفع اليد عن ظاهر الأمر بالنسبة إلى ما عداه ، ولا يصلح ذلك أن يكون قرينة لكون أصل الطلب مستعملا في الندب ، كما لا يخفى على من راجع العرف في محاوراتهم ، ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في معنيين كما حقّقناه في محلّه (١).
هذا ، مع أنّ غسل الوجه واجب بالضرورة ، فلا يمكن حمل الأمر المتعلّق بمصاديقه المشتملة على مزيّة راجحة على الاستحباب ، وإلّا للزم اجتماع الوجوب والاستحباب في الواحد الشخصي ، فلا بدّ من حمل الأمر على الوجوب التخييري ، والالتزام بأنّ متعلّقه أفضل أفراد الواجب المخيّر ، فالخصوصيّة الموجبة لمزيّة هذا الفرد على سائر الأفراد توجب تأكّد طلبه ، لا صيرورته مستحبّا ، ولذا لا يجوز تركه لا إلى بدل ، ويؤتى به في مقام الامتثال بقصد الوجوب ، كما يؤتى بسائر الأفراد الفاقدة لهذه الخصوصيّة بهذا القصد ، فالأمر المتعلّق به ليس إلّا للوجوب لا يجوز رفع اليد عن ظاهره بالنسبة إلى شيء من القيود الواقعة في حيّزه ، إلّا أن يدلّ
__________________
(١) أقول : وسيأتي توضيحه بما لا مزيد عليه في مبحث لباس المصلّي من كتاب الصلاة في توجيه موثّقة ابن بكير ، الواردة في المنع من الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، فراجع. (منه عفي عنه).