نعم ، لو أمكن العمل بأصلها ، لتمّ القول بكفاية كلّ غسل عن غيره مطلقا ، لعدم القول بالتفصيل ظاهرا ، إلّا أنّ العمل به في غاية الإشكال بعد قصوره سندا ، ومخالفته لظواهر الأوامر الكثيرة المتعلّقة بالأغسال ، بل وغيرها ممّا دلّ على أنّه «لا عمل إلّا بنيّة وإنّما لإعمال بالنيّات» (١) وكذا مخالفته لقاعدة الاشتغال ، وهذه الأمور المذكورة وإن لم يكن شيء منها ممّا يقاوم دليلا معتبر بحيث يعارضه ، إلّا أنّ رفع اليد عنها بمثل هذه المرسلة ـ التي نحتاج في جواز العمل بها في حدّ ذاتها إلى الجابر ـ مشكل.
هذا ، مع معارضتها برواية سماعة ، المتقدّمة (٢) التي عرفت أنّ ظاهرها وجوب غسل الجنابة على الحائض بعنوان الجنابة المعلوم عدم تحقّقه بهذا العنوان إلّا بالقصد.
وقد ظهر بما حرّرناه أنّ غاية ما يمكن استفادته من الأدلّة على تقدير قصد البعض إنّما هي كفاية غسل الجنابة عن غيره من الأغسال لا غير ، فيستكشف من ذلك كونه محصّلا لما هو المقصود من الأمر بالاغتسال في غيره من الأغسال ، (و) وأمّا كون ما عداه أيضا كذلك فلا.
فما (قيل) كما عن الشيخ وابن إدريس (٣) من أنّه (إذا نوى غسل الجنابة ، أجزأ عن غيره) من الأغسال (ولو نوى غيره) كغسل المسّ
__________________
(١) الكافي ٢ : ٨٤ ـ ١ ، أمالي الطوسي ٢ : ٢٣١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١ و ١٠.
(٢) تقدّمت في ص ٢٧٩.
(٣) كما في جواهر الكلام ٢ : ١١٤ ، وانظر : المبسوط ١ : ٤٠ ، والسرائر ١ : ١٢٣.