وفيه : منع إمكان ذلك ولو بعد تسليم المقدّمتين ، لأنّ الوجوب المستفاد من الأوامر المقيّدة غيريّ ، بل شرطيّ محض ، وقد تقرّر في محلّه أنّ هذا النحو من الوجوب لا يتقيّد بالقدرة إذا كان دليله مطلقا ، لكون الأمر فيه بمنزلة الإخبار عن كونه شرطا في حصول ذي المقدّمة أو جزءا له ، ومن المعلوم عدم اقتضاء الشرطية والجزئية اختصاصهما بحال القدرة ، غاية الأمر سقوط التكليف بالمشروط عند تعذّر الشرط لا انتفاء الشرطية.
هذا ، مع أنّ الظاهر أنّ السائل إنّما أراد من سؤاله معرفة حدّ الاستنجاء الذي يستعقب طهارة المحلّ ولا تعرّض فيها من حيث الحكم التكليفي أصلا ، فدعوى : كون النقاء حدّا للبول في حال الضرورة يلزمها الالتزام بطهارة المحلّ كما في الاستنجاء من الغائط ، وهو خلاف الإجماع كما تقدّم (١) نقله عن المدارك والجواهر.
والعجب من شيخنا المرتضى ـ قدسسره ـ حيث اقتصر في ردّ هذا الاستدلال على منع الشمول أوّلا ، واستلزامه خروج الحدّ عن ظاهره ثانيا (٢) ، وظاهره الاعتناء بهذا الاستدلال لو لا هذين المحذورين ، مع أنّه ـ رحمهالله ـ هو المؤسّس في هدم هذا البنيان ، وقد بالغ في أصوله في تضعيفه بما لا مزيد عليه. (و) اعلم أنّه قد اختلفت الأخبار وكلمات الأصحاب في (أقلّ ما يجزئ) من الماء في تطهير مخرج البول.
__________________
(١) تقدّم في ص ٦٢.
(٢) كتاب الطهارة : ٧٠.