حرمة ما عدا ما ذكر فلا تكاد تظهر من شيء من أخبار الباب.
وحينئذ فإن قلنا بأنّ المتبادر من الرياء في إطلاقات الشارع وعرف المتشرّعة هو هذا المعنى الذي ادّعينا استفادته من الأخبار ـ كما يؤيّده ظاهر ما عن بعض علماء الأخلاق في تفسير الرياء من أنّه طلب المنزلة عند غيره تعالى بالعبادة (١) ـ فلا إشكال ، وإلّا فلو قلنا بأنّ الرياء يطلق لغة وعرفا على مطلق الفعل الذي يراد به إرادة الغير ، فيقيّد موضوع الحكم بالقيود المذكورة ، أعني تخصيص الحرمة بالرياء في العبادة من حيث كونها عبادة حال كونه مؤثّرا في حصول أصل الفعل أو كيفيّاته وخصوصيّاته بأن كان سببا أو جزءا من السبب لا مطلق الرياء ولا الرياء في العبادة من غير جهة كونها عبادة ، كما لو قصد بقيامه في صلاته النظر إلى متاع صديقه ليوصف بذلك بحسن الصداقة وشدّة الاهتمام في حفظ أموال الصديق ، ولا الرياء التبعي الذي لا تأثير له في العمل أصلا ، لقصور أخبار الحرمة عن شمول غير المذكور ، وعدم دليل فيما عداه على الحرمة لو لم يكن على عدمها ، إذ لا عموم في المقام بحيث يمكن استفادة حكم الرياء في غير العبادة منه.
وقوله عليهالسلام في الرواية المتقدّمة (٢) : «يا زرارة كلّ رياء شرك» لا يدلّ على العموم ، لوجوب تقييده بالعبادات بقرينة حمل الشرك عليه ، لأنّ حمل الشرك على مطلق الرياء بحيث يعمّ غير العبادات لا يستقيم إلّا بإرادة
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٩٧ ، وانظر : المحجّة البيضاء ٦ : ١٤٨ ، وجامع السعادات ٢ : ٣٧٣.
(٢) تقدّمت في ص ٢٢٢.