بيان مدارك حكمه لا تقليد فقهاء العامّة.
وأمّا شيعته ـ عليه وعليهمالسلام ـ كان عليهم التستّر خوفا من ظهور إضافتهم إلى أهل البيت عليهالسلام.
ولا يخفى عليك أنّ فهم زرارة اختصاص الحكم بالإمام عليهالسلام مع إطلاق سؤاله ممّا يؤيّد ما أشرنا إليه من عدم إمكان التصرّف في عمومات الباب إلّا بمخصّص قويّ صريح الدلالة في التخصيص.
وكذا لا يعارضها ما في صحيحة زرارة ، قال : «لا تتّق في ثلاث» قلت : وما هنّ؟ قال : «شرب المسكر ، والمسح على الخفّين ، ومتعة الحجّ» (١) وكذا ما في صحيحة هشام عن أبي عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام :«يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقيّة ولا دين لمن لا تقيّة له ، والتقيّة في كلّ شيء إلّا في ثلاث : شرب المسكر والمسح على الخفّين ومتعة الحجّ» (٢) ، إذ ليس المراد من الصحيحتين نفي التقيّة في هذه الأشياء على الإطلاق قطعا ، لمخالفة إطلاقهما الإجماع والضرورة ، ضرورة أنّه لو دار الأمر بين مسح الخفّين أو ضرب الأعناق ، لا يجوز الإقدام عليه ، ولا يرضى الشارع بفعله ، كما يدلّ عليه فحوى ترخيص الشارع بارتكاب المحاذير التي ربّما تكون حرمتها أعظم في نظر الشارع من ترك الصلاة في مظانّ الهلكة ، فضلا عن ترك مباشرة الماسح للممسوح ، الذي يسوّغه الحرج ،
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤١٥ ـ ١٢ ، وفيه : «لا يتّقى ..».
(٢) الكافي ٢ : ٢١٧ ـ ٢ ، المحاسن : ٢٥٩ ـ ٣٠٩ ، الوسائل ، الباب ٢٤ و ٢٥ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث رقم ٣ في كلا البابين. وفيها جميعا هكذا : «.. والتقيّة في كلّ شيء إلّا في النبيذ والمسح على الخفّين».