استفيد منه كون الوضوء الناقص بدلا اضطراريّا من الوضوء التامّ مطلقا ، أو استفيد منه كونه فردا حقيقيّا لماهيّة الوضوء ـ التي عرفت في محلّها أنّ من لوازمها رفع طبيعة الحدث لو صادفت محلّا قابلا للرفع ـ فهو ، وإلّا فمقتضى الاحتياط اللازم إعادة الوضوء بعد زوال السبب.
فنقول : ظاهر جميع الأدلّة الدالّة على وجوب الوضوء الناقص على أولى الأعذار ، بل صريح أكثرها : أنّ الفعل المأتيّ به حال الضرورة مصداق حقيقيّ وفرد واقعي لماهيّة الوضوء ، ولعلّه من الأمور الواضحة عند المتشرّعة ، المغروسة في أذهانهم.
ولذا ينوي المكلّف ـ بمجرّد الاطّلاع على الحكم الشرعي ـ بفعله امتثال أمره الواقعي ، ولا يلتمس في تعيين وجه الفعل دليلا آخر.
ولذا استدلّ شيخنا الأكبر ـ قدسسره ـ في جواهره (١) على المطلوب : بأنّه ينوي بوضوئه رفع الحدث ، فيجب حصوله اعتمادا على أنّ صغراه من البديهيّات التي لا يحتاج إثباتها إلى إقامة البرهان.
ألا ترى أنّه لا يشكّ أحد في أنّ الأقطع الرّجل وضوؤه الواقعيّ الذي يرتفع به حدثه هو ما يؤدّيه على وفق تكليفه ، فلو تجدّد له رجل بقدرة الله تعالى لا يقتضي ذلك إلّا تغيير كيفيّة وضوئه ، لا رفع أثر وضوئه السابق ، لأنّ تجدّد الرّجل ليس من نواقض الوضوء ، كما هو ظاهر.
وكذا رواية (٢) عبد الأعلى وغيرها من أخبار الباب حتى مثل قوله عليهالسلام :
__________________
(١) جواهر الكلام ٢ : ٢٤٢.
(٢) تقدّمت الرواية مع الإشارة إلى مصادرها في ص ٤٤٧.