وثانيا : أنّه لا يجوز رفع اليد عن ظاهر المقيّد بمجرّد احتمال ورود القيد مورد الغالب المتعارف ، وإنّما يخلّ في التمسّك بالإطلاق ، ضرورة أنّه لا يجوز إهمال الخصوصيّة المستفادة من ظاهر الكلام بمجرّد احتمال عدم كونها قيدا فيما تعلّق به غرض المتكلّم في الواقع ، بل لا بدّ في إهمالها من الجزم بذلك.
وليس المقام من قبيل ما إذا احتفّ الكلام بما يصلح أن يكون قرينة لإرادة خلاف الظاهر حتى يمنعه من أن ينعقد له ظهور ، إذ على تقدير جري القيد مجرى العادة لإيراد من اللفظ إلّا ظاهره ، إلّا أنّ ظاهره ليس ممّا تعلّق به الغرض في الواقع ، فيجوز إهماله ، ولكنه بعد إحرازه بالعلم ، كما لا يخفى وجهه.
وما ذكروه مؤيّدا لذلك ، ففيه ـ مع أنّه مجرّد استبعاد لا يعتنى به في الأحكام التعبّديّة ـ يدفعه التعبّد بمثله في كثير من نظائر المقام ، كتكرار الغسلات بعد زوال العين فيما يحتاج إلى التعدّد ، ومسح باطن النعل على الأرض إذا لم تكن عليه نجاسة عينيّة ، وتعفير إناء الولوغ بالتراب ، إلى غير ذلك من الأمور التعبّديّة التي يستكشف منها أنّ الملاك في الطهارة الشرعية أمر آخر وراء ما يتوهّمه العرف ، فلا يمكن إلغاء الخصوصيات المستفادة من ظواهر الأدلّة بمجرّد الاستبعادات والاعتبارات ، اللهم إلّا أن تكون الاستبعادات مانعة من استفادة إرادة الخصوصية بمقتضى الفهم العرفي ، وفيه تأمّل.
هذا كلّه ، مع أنّ مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة حتى يعلم