وفي صحيحة منصور بن حازم ، قال : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام وقد توضّأ وهو محرم ، ثمّ أخذ منديلا فمسح به وجهه (١).
وهذه الأخبار وإن كانت أصحّ سندا وأكثر عددا إلّا أنّ مخالفتها للمشهور وموافقتها للجمهور الذين جعل الله الرشد في خلافهم أوهنها ، فيحتمل جري هذه الأخبار مجرى التقيّة.
وهذا الاحتمال وإن كان بعيدا بالنسبة إلى بعضها إلّا أنّ في بعضها الآخر ـ كموثّقة إسماعيل ـ إيماء إليها.
ولعلّ قوله عليهالسلام في ذيل الموثّقة : «يا إسماعيل افعل هكذا» تعريض على أبي حنيفة القائل بنجاسة ماء الوضوء على ما حكي (٢) عنه ، والله العالم.
وهل يلحق بالمسح تجفيف البلل بالنار أو الشمس؟ في المدارك :قيل : نعم ، لاشتراكهما في إزالة أثر العبادة ، ولإشعار قوله عليهالسلام : «حتى يجفّ وضوؤه» بذلك. وقيل : لا ، اقتصارا على مدلول اللفظ. وهو قويّ بل لا يبعد اخ تصاص الكراهة [بالمسح] (٣) بالمنديل كما هو منطوق الرواية (٤). انتهى ، والله العالم.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٢٦ ـ ١٠٦٥ ، الوسائل ، الباب ٤٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ٤.
(٢) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٢ : ٣٤٦ ، وانظر : المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ٥٣ ، والهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٩ ـ ٢٠ ، وحلية العلماء ١ : ٩٦ ، والمجموع ١ : ١٥١ ، والمغني ١ : ٤٨ ، والشرح الكبير ١ : ٤٣.
(٣) أضفناها من المصدر.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ٢٥٣ ، وتقدّمت الإشارة إلى مصادر الرواية في ص ١٥٤ الهامش (٥).