لاستقلال العقل بوجوب القطع بتفريغ الذمّة من التكاليف المعلومة ، فكما أنّ الشكّ في الشرط مانع من الجزم بحصول الامتثال ، فكما يجب إحراز الشرط يجب إحراز عدم المانع ، إذ كما أنّ صحّة الفعل تتوقّف على وجود الشرط ، كذا تتوقّف على عدم المانع ، فعدم المانع أيضا بمنزلة الشرط في وجوب إحرازه عقلا.
نعم ، بين عدم المانع وسائر الشرائط الوجوديّة فرق في الجملة ، وهو : أنّ عدم المانع كثيرا مّا يحرز باستصحاب العدم الأزلي ، بخلاف الشرائط الوجوديّة ، فإنّها غالبا مسبوقة بالعدم ، إلّا أنّ هذا الفرق غير مجد فيما نحن فيه ، للقطع بانقطاع العدم الأزلي ، ووجود الحدث قبل زمان الشكّ ، فيستصحب وجوده لو لا معارضته باستصحاب بقاء أثر الوضوء.
وما يقال من أنّ عدم العلم بوجود المانع كاف في البناء على عدمه إنّما يتمّ لو قيل باستقرار بناء العقلاء على ترتيب أثر المقتضي بمجرّد إحرازه.
ولكنّك عرفت ـ فيما سبق عند التكلّم في مسألة الشكّ في مانعيّة الخاتم من وصول الماء إلى البشرة ـ فساد هذا المبنى ، فكيف يرخّص العقل في الاقتصار على الشكّ في مقام الإطاعة!؟
وبما ذكرنا ظهر لك أنّ القول بكون الطهارة هي الحالة الأصليّة أو الحدث ممّا لا يجدي أصلا ، للعلم بانقلاب الحالة الأصليّة والشكّ في زوال الحالة الطارئة ، فمقتضى القاعدة استصحابها لو لا معارضتها