باستصحاب أثر الوضوء أو الحدث المؤثّر في عود الحالة الأصليّة.
لا يقال : إنّا لو بنينا على أنّ الحالة الأصليّة هي الطهارة ، يجب الرجوع إليها بعد تعارض الأصلين وتساقطهما.
لأنّا نقول : الأصل الثالث الذي يرجع إليه بعد تساقط الأصلين إنّما هو الأصل العملي المقرّر للشاكّ ، لا الحالة الأصليّة التي يتوقّف عودها على سبب حادث ، لأنّ تساقط الأصلين لا يوجب القطع بعود الحالة الأصليّة حتى يجوز الاقتصار عليه في مقام امتثال التكاليف المشروطة بها ، كما هو ظاهر ، فالمرجع إنّما هو قاعدة الاشتغال لا غير.
ويؤيّد ما ذكرنا من وجوب الطهارة مطلقا على من تيقّنهما وشكّ في المتأخّر : ما في الفقه الرضوي «وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيّهما أسبق فتوضّأ» (١) بل ربما يستدلّ به له بدعوى : انجباره بالشهرة المحقّقة ، وظهور الاتّفاق المفهوم من نسبته في الذكرى (٢) إلى ظاهر الأصحاب.
وربما يستدلّ له أيضا بإطلاق قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (٣) إلى آخره ، وقوله عليهالسلام : «إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور» (٤) ، إذ لم يعلم خروج المفروض من إطلاقهما.
__________________
(١) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ٦٧.
(٢) الذكرى : ٩٨.
(٣) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٤) الفقيه ١ : ٢٢ ـ ٦٧ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٦ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.