الأصحاب الحكم بوجوب التطهير على من لم يعلم بحالته قبل الزمانين (١).
وفيه من البعد ما لا يخفى ، لندرة صورة الجهل بالحالة السابقة رأسا ، فكيف ينزّل إطلاقات الأصحاب عليها!؟
وكيف كان ، يتوجّه على ما ذكروه من استصحاب الحالة الطارئة أنّها معارضة بالمثل ، مثلا : إذا تيقّنهما وعلم أنّه كان في الزمان السابق على الزمانين محدثا ، كما يصحّ أن يقال : زوال هذا الحدث بالطهارة المتيقّنة معلوم ، وانتقاض الطهارة بالحدث المتيقّن غير معلوم ، لاحتمال عروضه عقيب الحدث السابق قبل الطهارة المتيقّنة ، كذلك يصحّ أن يقال : إنّ كونه محدثا حال خروج الحدث المتيقّن معلوم ، وزوال هذا الحدث المتيقّن غير معلوم ، لجواز وقوع الطهارة قبله.
وما يقال من أنّ مجرّد العلم بحدوث الحدث لا يكفي في جواز استصحاب أثره ، ومعارضته لاستصحاب الطهارة المتيقّنة ، لأنّه إنّما يصحّ استصحاب أثره ـ أعني المنع من الدخول في الغايات المشروطة بالطهارة ـ إذا علم بكونه مؤثّرا في ذلك ، وكونه كذلك فيما نحن فيه غير معلوم ، لاحتمال وقوعه عقيب الحدث السابق ، فاستصحاب الطهارة سليم عن المزاحم ، إذ لم يعلم للحدث المعلوم بالإجمال أثر حتى يستصحب ، مدفوع : بأنّ المستصحب ليس خصوص الأثر الحاصل من الحدث المتيقّن حتى يقال : إنّ كونه مؤثّرا غير معلوم ، بل المستصحب هو الأثر الموجود حال حدوث الحدث المتيقّن وإن لم يعلم بكونه مسبّبا عنه ، إذ
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ١٥٩ ، وانظر : كشف اللثام ١ : ٥٨٤.