رأى منيّا في ثوبه واحتمل كونه من الجنابة الاولى ، نقول : سقوط الجنابة التي علم ثبوتها أوّل الصبح معلوم ، وثبوت جنابة اخرى غيرها غير معلوم.
لا يقال : إنّ وجوب الاغتسال عند خروج هذا المنيّ المشاهد معلوم ، وسقوط هذا الواجب بالغسل الصادر منه غير معلوم ، فهذا الفرض أيضا كسابقه في كونه شكّا في سقوط ما وجب.
لأنّا نقول : مغايرة زمان هذا المنيّ للزمان الأوّل غير معلومة ، وسقوط التكليف الثابت فيه معلوم ، وثبوت تكليف آخر في غير ذلك الزمان غير معلوم ، فالأصل ينفيه.
إن قلت : ما ذكرت إنّما يتمّ فيما إذا كان زمان طروّ الحالتين ـ اللّتين علمهما بالإجمال ـ مغايرا للزمان الذي علم تكليفه فيه مفصّلا ، كما لو أصبح جنبا ، فعلم إجمالا بحصول غسل وجنابة في أثناء اليوم ، وشكّ في المتأخّر منهما ، وأمّا لو رأى بثوبه منيّا وعلم بأنّه من جنابة مستقلّة غير ما اغتسل منها ولكنّه احتمل حدوثها في الليل الذي كان يعلم جنابته فيه بالتفصيل فلا ، لأنّه بمنزلة ما لو احتمل كونه من الجنابة السابقة حيث لا يؤثّر علمه الإجمالي في إحراز تكليف وراء ما علم سقوطه.
قلت : ليس المدار في الاستصحاب على إحراز تكليف وراء ما علم سقوطه حتى ينافي كون أحد طرفي المعلوم بالإجمال معلوما بالتفصيل ، وإنّما المناط في الاستصحاب صيرورة ما علم ثبوته مشكوك الارتفاع ، فحيث علم ثبوت الجنابة حال حدوث السبب الثاني لا يجوز رفع اليد عن هذا اليقين إلّا بالعلم بوقوع الغسل عقيبه.