وقال : «أتبع وضوءك» (١) إلى آخره ، إذ الظاهر أنّ قوله عليهالسلام : «أتبع وضوءك» إلى آخره ، بمنزلة الدليل للحكم المذكور في الرواية ، أعني إعادة الجزء المنسيّ وما بعده ، فيراد منه الترتيب لا المتابعة العرفيّة ، وإلّا لكان مقتضاها الحكم بإعادة الوضوء من رأس ولو في بعض صوره ، مع أنّه عليهالسلام نصّ على عدم إعادة ما كان توضّأه ، فيظهر أنّها غير مسوقة إلّا لبيان الحكم من حيث الإخلال بالترتيب لأجل النسيان.
هذا ، مع أنّه لو حملنا المتابعة المأمور بها في هذه الرواية على إرادة الموالاة ، لتعيّن حملها على الموالاة بالمعنى المتقدّم ، أعنى تلاحق بعض الأجزاء لبعض قبل جفاف سابقه حتى يعمّ الناسي وغيره ، لأنّ حملها على المتابعة العرفيّة ، المستلزم لتخصيصها بما عدا الناسي نصّا وإجماعا مع كون صدر الرواية مسوقا لبيان حكم الناسي كما ترى.
هذا كلّه بالنظر إلى القرائن الداخليّة ، وإلّا فمقتضى الجمع بينها وبين الأدلّة السابقة : تقييد مثل هذه الروايات بما لا ينافيها ، لحكومة مفهوم الروايتين عليها ، لأنّ مفاده أنّ لحوق اللاحق بأثر السابق ، وعدم انقطاعه عن أثره متابعة ، فلا يعارضه إطلاق أصلا.
هذا ، مع إمكان أن يقال : إنّ لبقاء الأثر نحو تأثير في صدق المتابعة عرفا ، فإنّ الفعل السابق ما دام وجود أثره بمنزلة المتجدّد بنظر العرف ، فلا يخرج الفعل اللاحق ما دام الأثر موجودا من قابليّة الانضمام إلى
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٤ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٩٩ ـ ٢٥٩ ، الإستبصار ١ : ٧٤ ـ ٢٢٨ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ٩.