بالشكّ» (١) ، فإنّ ظاهر هاتين الروايتين : عدم جواز رفع اليد عن اليقين السابق بمجرّد زوال الاعتقاد وصيرورة المتيقّن مشكوكا ، فمفادهما : اعتبار قاعدة اليقين.
ودعوى أنّ المراد بهما أنّ الشيء الذي أحرز وجوده باليقين في الزمان السابق لا يرفع اليد عنه بصيرورته مشكوكا في الزمان اللاحق ، يعني أنّه لا يرفع اليد عن الموجود السابق الذي شكّ في بقائه ، فيكون مفادهما حجّيّة الاستصحاب ، ويكون ذكر لفظ «اليقين» في القضيّة على هذا التقدير لأجل كونه طريقا محضا لإحراز متعلّقه من دون أن يكون له مدخليّة في الحكم ببقاء المتيقّن وعدم انتقاضه بالشكّ ، مدفوعة :بمخالفتها لظاهر الروايتين من وجوه ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وحمل بعض الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ على إرادة المعنى المنطبق على الاستصحاب لبعض القرائن المحفوفة بها ، المستلزمة لارتكاب التأويل في بعض ألفاظ الرواية ، كحمل اليقين على اليقين التقديري ، أو التصرّف في متعلّقه بتجريده عن التقييد بالزمان حتى يعقل تعلّق الشكّ واليقين به ، إلى غير ذلك من التمحّلات لا يقتضي حمل الأخبار التي لا قرينة فيها عليه.
هذا ، ولكنّ الذي يوهن ظهور الروايتين : أنّ هذه القاعدة بعمومها ممّا لا يمكن الالتزام به ، إذ لا يظنّ بأحد القول بعدم الاعتناء بالشكّ في
__________________
(١) الإرشاد ـ للمفيد ـ ١ : ٣٠٢ ، مستدرك الوسائل ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٤.