الوضوء ، واعتبرنا فيما هو رافع للحدث (نيّة) الرفع أو (الاستباحة ، أعادهما) كما عن العلّامة وأكثر من تأخّر عنه (١) ، لاستصحاب الحدث المعلوم تحقّقه قبل الطهارتين ، المقتضي لبطلان الصلاة الواقعة عقيبهما ، لعدم العلم بارتفاعه ، لاحتمال كون الإخلال في الطهارة الاولى.
وقد يقال : إنّه لا يعيد شيئا منهما ، لعدم العلم ببطلان الطهارة الاولى ، واحتمال وقوع الخلل فيها شكّ في الشيء بعد التجاوز عنه ، فلا يلتفت إليه. والعلم الإجمالي بوقوع خلل في إحدى الطهارتين إنّما يمنع من جريان أصالة الصحّة إذا كان مؤثّرا في تجيز خطاب على المكلّف بحيث يكون إجراء الأصل في أطراف الشبهة موجبا لمخالفة الحكم المعلوم بالإجمال.
وبعبارة أخرى : العلم الإجمالي إنّما يمنع من إجراء الأصل فيما إذا كان كلّ واحد من أطراف الشبهة على وجه لو تبيّن تفصيلا أنّه مورد لعلمه الإجمالي ، لتنجّز في حقّه بسببه تكليف شرعيّ ، كما لو علم إجمالا بوقوع خلل في وضوئه الذي صلّى به صلاة الصبح أو وضوئه الذي صلّى به صلاة العصر ، فإنّ إجراء أصالة الصحّة في كلا الوضوءين يستلزم جواز مخالفة التكليف الذي علم تنجّزه عليه إجمالا ، وهو وجوب إعادة إحدى الصلاتين.
__________________
(١) حكاه عنهم الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٦٦ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٢١٣ ، ومنتهى المطالب ١ : ٧٥ ، وجامع المقاصد ١ : ٢٣٩ ، ومسالك الأفهام ١ : ٤٦ ، ومدارك الأحكام ١ : ٢٦١.