وكيف كان فلا يهمّنا التعرّض لتنقيح الأقوال ، وإنّما المهمّ التعرّض لمستندها ، وقد عرفت قوّة القول الأوّل ، وضعف الثاني.
وأمّا الثالث : فقد استدلّ له بالإجماع على أنّ الأمر بالغسل والمسح في الآية الشريفة للفور.
وبقوله عليهالسلام في حسنة الحلبي : «أتبع وضوءك بعضه بعضا» (١).
وقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «تابع بين الوضوء كما قال الله تعالى» (٢).
وفيه : منع الإجماع على أنّ الأمر في الآية الشريفة للفور ، فإنّ القائل بمراعاة الجفاف لا يقول بالفوريّة بهذا المعنى ، كيف! ولو كان للفور ، لوجب غسل الوجه فورا عند إرادة الصلاة مع أنّه لا يقول به أحد.
والتفكيك بينه وبين غسل الأيدي غير جائز ، لكونها معطوفة على الوجه ، فلا يجب فيه أيضا ، كما في الوجه.
ولو استدلّ هذا القائل : بأنّ المتبادر عرفا من الأمر بالمركّب وجوب إيجاد جميع أجزائه دفعة ، لكان أولى وإن كان فيه أيضا تأمّل.
هذا ، مع أنّ الأمر المتعلّق بالأفعال إنّما هو للوجوب الشرطي ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٤ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٩٩ ـ ٢٥٩ ، الإستبصار ١ : ٧٤ ـ ٢٢٨ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٤ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٩٧ ـ ٢٥١ ، الإستبصار ١ : ٧٣ ـ ٢٢٣ ، الوسائل ، الباب ٣٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.