إقناعيّ بمقتضى مذاق القوم ، وإلّا فالظاهر أنّ المقصودين بالخطاب بالوضوء والغسل والتيمّم في الآية جميع المؤمنين لا خصوص الرجل منهم.
وممّا يؤيّد كون الاستدلال صوريّا : استشهاده عليهالسلام أوّلا بعدم رضاهم باغتسالها ، فإنّ هذا النحو من التعبير والاستدلال أشبه شيء بمذاق من يعمل بالاستحسانات في معرفة الأحكام الشرعيّة التعبّديّة.
وكيف كان فهذه الرواية كسابقتها ـ مع قطع النظر عن شذوذها ، وإعراض الأصحاب عنها ، ومعارضتها بالأخبار المعتبرة المشهورة المعمول بها عند الأصحاب ـ من الروايات التي يشكل الاعتماد عليها ، بل لا يبعد دعوى كونها ممّا أمرنا بطرحها خصوصا بملاحظة ما في بعض الروايات من قوله عليهالسلام : «ما سمعت منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة ، وما سمعته منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه» (١).
وبما ذكرنا اتّضح لك فساد ما حكي (٢) عن بعض متأخّري المتأخّرين ، الذي لا يعتني بفتاوي الأصحاب ولا يبالي مخالفة إجماعهم ، حيث مال أو قال باستحباب الغسل وعدم وجوبه عليهنّ ، لكثرة الأخبار النافية وصراحتها وتأكّد دلالتها بالتعليل في بعضها بأنّه «أيّكم يرضى أن يرى» إلى آخره ، وبالتعليل «بأنّ الله تعالى وضعه عليكم فقال (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٣) ولم يقل ذلك لهنّ» (٤) إلى غير ذلك.
__________________
(١) التهذيب ٨ : ٩٨ ـ ٣٣٠ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٦.
(٢) انظر : مستند الشيعة ٢ : ٢٥٥ ، والوافي ٦ : ٤١٠ ذيل الحديث ٤٥٧٥.
(٣) المائدة : ٦.
(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢٢٧ ، الهامش (٤).