ألا ترى أنّه لو قيل للمسافر الجنب الذي ليس عنده الماء وهو يعلم في الجملة أنّ الجنابة مانعة من الدخول في الصلاة وأنّ التيمّم طهارة اضطراريّة : يجب عليك الصلاة مع التيمّم ، لا يخطر بباله أصلا أن يكون التيمّم لذاته شرطا لصلاة المسافر الجنب.
فالقول بوجوب التيمّم تعبّدا ولو مع إمكان الغسل في زمان لا يزيد عن زمان التيمّم نظرا إلى إطلاق الرواية ، ضعيف في الغاية.
وأمر الحائض بالتيمّم كالجنب في مرفوعة الكافي (١) لا يمنع من انسباق الماهيّة المعهودة إلى الذهن بالنسبة إلى الجنب ، بل بالنسبة إلى الحائض أيضا ، لأنّ عدم فهم البدليّة عن الغسل بالنسبة إلى الحائض مسبّب عن العلم بعدم قابليّة المحلّ لأن يؤثّر الغسل فيه أثره ، لا لإرادة مفهوم آخر من التيمّم غير المفهوم الذي أثره رفع الحدث حكما على تقدير صلاحيّة المحلّ ، كما يؤيّد ذلك : أنّ الذهن لأجل أنسه بتلك الماهيّة ومعهوديّتها لديه لا يفهم من أمر الحائض بالتيمّم أيضا إلّا تأثيره في حقّها خفّة الحدث ، وحصول مرتبة ضعيفة من الطهارة لأجلها أبيحت الغاية التي أمرت بالتيمّم لأجلها ، ولو لم يكن المسبوق إلى الذهن تلك الطبيعة التي علمنا أثرها ، لما كان لهذه الاستفادة منشؤ.
ولأجل هذه الاستفادة ربما يقوى القول بصحّة التيمّم لو تيمّمت باعتقاد الحيض فانكشف الخلاف وصادفت الحاجة إليه لو لم نعتبر في صحّته عدا قصد البدليّة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٧٣ ـ ١٤ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الجنابة ، الحديث ٣.