وفي مرسلة بكير ، قال : لقيت أبا بصير المرادي ، فقال : أين تريد؟ قلت : أريد مولاك ، قال : أنا أتبعك ، فمضى فدخلنا عليه وأحدّ النظر إليه وقال : «هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب؟» فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضبك ، وقال : أستغفر الله ولا أعود (١).
والإنصاف أنّ استفادة الحرمة من هذه الأخبار ـ مع ما فيها ممّا يشعر بالكراهة ـ في غاية الإشكال ، لإمكان دعوى القطع بأنّه لم يزل يبيت الجنب والحائض من أهل بيتهم ومواليهم والواردين عليهم في بيوتهم ولم يكونوا يكلّفونهم بالخروج أو المبادرة إلى الغسل أو التيمّم ، كيف! ولو كان الأمر كذلك ، لشاع الحكم بين مواليهم ، وصار لأجل معروفيّته من زمن النبي صلىاللهعليهوآله إلى عصر الصادقين من ضروريّات الدين ، فكيف يختفى عن مثل أبي بصير الذي لم يزل يتردّد إلى بيتهم!؟
هذا ، مع أنّ الذي يساعده الاعتبار ويؤيّده ألفاظ الروايات : أنّ هذا الفعل لم يصدر من أبي بصير إلّا مرّة أو مرّتين : مرّة للاختبار ، واخرى مخافة فوت الدخول ، فمن المحتمل أن لم تكن العبارة الصادرة من الإمام عليهالسلام إلّا بلفظ «لا ينبغي» الظاهر في الكراهة ، كما في الرواية الاولى.
وعلى تقدير صدور الفعل منه مرارا فهو من أقوى الشواهد على الكراهة ، إذ لو فهم من النهي في الواقعة الاولى الحرمة ، لما عاد إلى مثلها أبدا ، بل مقتضى كلامه في الواقعة التي صدرت منه للاختبار كونه عالما
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٧٠ ـ ٢٨٨ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الجنابة ، الحديث ٥.