وأمّا الاستدلال بالأولويّة : فعلى تقدير تماميّتها لا تقتضي إلّا كون وقوع الحدث في أثناء الغسل كوقوعه بعده رافعا لأثره في الجملة لا إبطاله رأسا ، (و) هذا لا يستلزم إلّا بطلان ما (قيل) من أنّه (يقتصر على إتمام الغسل) كما عن الحلّي والمحقّق الثاني وبعض متأخّري المتأخّرين (١) ، دون القول الآخر الذي نبّه عليه المصنّف رحمهالله بقوله : (وقيل) : إنّه (يتمّه ويتوضّأ للصلاة) كما ذهب إليه جماعة من المتأخّرين ، وفاقا للسيّد فيما حكي (٢) عنهم.
هذا ، مع أنّ في دعوى الأولويّة ما لا يخفى ، فإنّ القائل بالاقتصار على إتمام الغسل يدّعي دلالة الأدلّة من الإجماع وغيره على أن لا أثر لأسباب الوضوء ما دامت الجنابة باقية ، ولا ترتفع الجنابة إلّا بعد أن فرغ من غسلها ، فكيف يقاس حال الاشتغال بالغسل بما بعده فضلا عن أن يكون أولى منه!؟
نعم ، يتوجّه على هذه الدعوى أنّ غاية ما دلّت الأدلّة عليه إنّما هي كفاية غسل الجنابة عن الوضوء بل عن كلّ حدث ، فيرتفع بغسل الجنابة جنس الحدث الذي تحقّق سببه قبل الاغتسال ، وأمّا ما وقع من أسباب الوضوء ـ كأسباب سائر الأغسال ـ في أثناء غسل الجنابة فلا يكاد يستفاد من شيء من الأدلّة عدم وقوعه مؤثّرا ، أو أنّه يرتفع أثره بهذا الغسل.
__________________
(١) حكاه عنهم صاحب الجواهر فيها ٣ : ١٣٢ ، وانظر : السرائر ١ : ١١٩ ، وجامع المقاصد ١ : ٢٧٦.
(٢) حكاه عنهم البحراني في الحدائق الناضرة ٣ : ١٢٩ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ١٩٦.