توضيح الفساد : أنّا نجد المكلّفين ربما يتعذّر عليهم النوم من أوّل الليل إلى الصبح من أذى البقّ والبرغوث ، ومع ذلك لا يتفحّصون عن دمهما عند إرادة الغسل والوضوء.
وتوهّم أنّ احتمال مانعيّتهما من وصول الماء لعلّه احتمال غير عقلائي ، مدفوع : بأنّا نجدهم لو علموا بوجود دمهما في موضع مخصوص ، لا يغتسلون إلّا بعد إزالتهما.
نعم ، في مثل احتمال لصوق الشمع والقير ونحوهما ممّا يظنّ بلصوق شيء منه بالبدن حين المباشرة ويندر ابتلاء المكلّف به ربما يلتزمون بالفحص في مظانّ لصوقه من باب حسن الاحتياط لا غير ، كما يظهر وجهه عند ضيق الوقت وغيره من موارد الضرورة.
فالإنصاف أنّ دعوى السيرة في محلّها ، إلّا أنّه لا اختصاص لها بالمتشرّعة ، ولا خصوصيّة لها بالمقام ، بل هي سارية جارية في كلّ محتمل الوجود لدى جميع العقلاء بمعنى أنّ العقلاء بأسرهم استقرّت طريقتهم على ترك الاعتناء باحتمال وجود ما لوجوده أثر في رفع اليد عمّا كانوا عليه في أمور معاشهم ومعادهم.
ولأجل هذا الأمر المغروس في أذهانهم لا يعتنون باحتمال وجود المانع فيما نحن فيه ، وكذا لا يعتنون باحتمال وجود القرينة في رفع اليد عمّا يقتضيه ظاهر القول والفعل ، لا أنّ للمتشرّعة في خصوص ما نحن فيه وللعقلاء في خصوص مباحث الألفاظ قاعدة تعبّديّة واصلة إليهم من أسلافهم ، كما يشهد به صريح الوجدان ، وقد أوضحناه في الأصول بما لا