مزيد عليه ، وحقّقنا فيه أنّ مقتضاه حجّيّة الاستصحاب فيما عدا الشكّ في المقتضي من باب بناء العقلاء ، والأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ كلّها منزّلة عليه ، وأثبتنا فيه أنّ مقتضاه لزوم ترتيب الأحكام المترتّبة على نفس المستصحب بنظر العرف ، لا الأحكام المترتّبة على ما هو من لوازم عدم الرافع في الواقع ، بمعنى أنّه لا يقتضي حجّيّة الأصول المثبتة بل يقتضي عدمها ، فلذا حكمنا فيما لو شكّ في حاجبيّة الخاتم بوجوب الإيصال ، لقاعدة الشغل واستصحاب الحدث ما لم يقطع بزواله.
والفرق بينه وبين الشكّ في أصل المانع بعينه هو الفرق بين الشكّ في وجود القرينة والشكّ في قرينيّة ما احتفّ بالكلام ، وليس الشكّ في مانعيّة الموجود مطلقا من هذا القبيل ، فإنّ الشكّ في ناقضيّة المذي من قبيل الشكّ في قرينيّة القرينة المنفصلة.
ولا بأس بتوضيح المقام بالتكلّم في وجه حجّيّة الاستصحاب ، وبيان مقدار دلالة دليله حتى يرتفع به غشاوة الأوهام ، فإنّه من المهامّ.
فأقول وبالله الاستعانة : إذا راجعت أهل العرف وتتبّعت في طريقة العقلاء ، لوجدتهم لا يعتنون باحتمال وجود ما يقتضي خلاف ما بأيديهم من العمل الذي يعملونه بمقتضى أغراضهم العقلائيّة ، ويزعمون أنّ الاعتناء بالشكّ في ترك ما بأيديهم من العمل نقض لليقين بالمحتمل.
ألا ترى أنّ من قلّد مجتهدا لا يرفع اليد عن تقليده بمجرّد احتمال موت المجتهد ، وكذا أرباب الملل لا يعتنون باحتمال نسخ دينهم أو نسخ حكم خاصّ في شريعتهم ما لم يثبت لديهم نسخه ، ومن كان وكيلا عن