عليه : بعدم ثبوت خلافه ، لا بظنّ بقائه.
وثالثا : بأنّ العمل بالظنّ في حدّ ذاته عند العقلاء من المنكرات ، كما يفصح عن ذلك الآيات الناهية عن العمل بالظنّ ، مثل قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) (١) فإنّه بحسب الظاهر تعيير على العاملين بالظنّ ، فلو لم يكن العمل بالظنّ من المنكرات لدى العقلاء ، لما كان للتعيير به وجه.
وأمّا ما نرى من أنّهم يعملون بظواهر الألفاظ وقول الثقة وغيرهما من الأمارات التي لا تفيد إلّا الظنّ فوجهه أيضا ليس إلّا عدم الاعتناء باحتمال قرينة المجاز وكذب الثقة ، لا الاتّكال على الظنّ الحاصل من الأمارة من حيث كونه ظنّا ، ولذا لا يعدّ العامل بمثل هذه الأمور لديهم عاملا بالظنّ ، بل يزعمونه آخذا باليقين بنحو من المسامحة والاعتبار.
والحاصل : أنّ الجري على ما تقتضيه الحالة السابقة في جميع الموارد التي تقدّمت الإشارة إليها على ما يشهد به الوجدان ليس إلّا لأجل عدم الاعتداد بالشكّ.
نعم ، في موارد احتمال صدور حكم مولوي أو ثبوت حكم شرعي ، العقل أيضا مستقلّ بقبح العقاب من دون برهان ، إلّا أنّ العبد يتركه أوّلا وبالذات بمحض طبعه اعتمادا على عدم الثبوت من دون التفاته إلى هذه القضيّة العقليّة.
ومن يزعم أنّ الاستصحاب ليس حجّة لدى العقلاء ، وأنّ جواز
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ٢٨.