نعم ، قد تجري القاعدة في المركّب الذي تعذّر بعض أجزائه الغير المقوّمة للصدق العرفي من حيث إنّ المأتيّ به بنظرهم على هذا التقدير ميسور المتعذّر ، وهذا لا يقتضي انحصارها فيه ، كما هو ظاهر.
واعترض أيضا على القاعدة : بالنقض بما إذا تعذّر عليه الماء لبعض الأعضاء ، فإنّهم اتّفقوا على أنّه يتيمّم ولا يشرع له الوضوء ، فلو كانت القاعدة جارية في باب الطهارة الحدثيّة ، لما جاز له التيمّم في الفرض ، فإجماعهم كاشف عن عدم جريان القاعدة فيها.
وفيه : ما عرفت من أنّ ملاك جريان القاعدة ليس تعذّر الجزء حتى يدلّ إجماعهم المذكور على عدم جريان القاعدة في الوضوء مطلقا ، بل الملاك كون المأتيّ به ميسور المتعذّر ، وإجماعهم لا يدلّ إلّا على أنّ الطهارة لا تتبعّض ، كما وقع التصريح به في بعض كلماتهم على وجه يظهر منه كونه من المسلّمات ، وهذا لا يقتضي إلّا عدم جواز الاستدلال في أمثال المقام بقوله عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (١) وقوله عليهالسلام : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٢) لا عدم جريان قاعدة الميسور في الفرض الذي لا يتحقّق معه التبعيض ، كما فيما نحن فيه.
نعم ، لو لم يتمكّن من غسل الحاجب أو بعض مواضع الوضوء لنجاسته أو تضرّره بالماء كوجع العين ونظائره ، يجب عليه التيمّم ، كما وقع التصريح به في كلام جماعة ، ولا يجوز له الاقتصار على غسل ما
__________________
(١) كنز العمّال ٥ : ٢١ ـ ١١٨٧٢.
(٢) غوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ـ ٢٠٧.