الجر أقوى العوامل النحوية (١)
إذا أمعنّا الأحوال الإعرابية للأسماء فى الجملة العربية فلا بدّ أنّنا مدركون أن عامل الجرّ هو أقوى العوامل النحوية ، ذلك أنه عامل دائما فى الأسماء ؛ ما دام له دليل عليه من حروفه ، أى : أنه إذا سبق حرف الجرّ الاسم فإن أثر الجرّ يظهر فيه ، دون النظر إلى الموقع الإعرابى ، أو المحلّ الإعرابى ، أو العوامل النحوية السابقة عليه ، أو أصول الجملة ، سواء أكان هذا الجرّ من طريق الحروف ، أم من طريق الإضافة.
فالجرّ فى الأسماء أقوى عملا مما يقابله من حروف الجزم فى الأفعال (٢) ، ويبدو ذلك فى عدة أبواب نحوية ، يضطر النحاة أمامها أن يقدروا العلامة الإعرابية للاسم المسبوق بحرف الجر تبعا للمحلّ الإعرابىّ والموقع الإعرابىّ ، ولكنهم لا يستطيعون أن يهملوا الإعراب الظاهر بأثر حرف الجر المذكور.
ويكون زيادة حروف الجرّ وإعمال الجرّ فيما يأتى :
أولا : محلية الرفع :
أ ـ موقع الفاعلية :
حيث ترد بعض الصور التى يأتى عليها الفاعل مجرورا بحرف الجر ، ويكون فى محلّ رفع مقدّر لموقع الفاعلية.
ومن مثل ذلك جرّ الفاعل بـ (من) فى قوله تعالى : (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) [ق : ٣٨] ، حيث (لغوب) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجر الزائد.
وجرّه بالباء ، يكون بعد الفعل (كفى) بخاصة ، بمعنى الكفاية والحسب ، وليس بمعنى (وفى) ، نحو : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) [النساء : ٤٥] ، لفظ الجلالة (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد.
__________________
(١) هذا القسم موجود فى كتاب للمؤلف بعنوان : نزع الخافض ...
(٢) ينظر : الكتاب : ١ ـ ٩٢ / البسيط فى شرح جمل الزجاجى : ١ ـ ٤٦٣.