١ ـ الإلصاق :
وهو أصل معانيها ، ولم يذكر سيبويه غيره ، ويؤول كلّ معنى آخر لها إلى هذا المعنى ، فيقول : «وباء الجر إنما هى للإلزاق والاختلاط ، وذلك قولك : خرجت بزيد ، ودخلت به ، وضربته بالسوط ، ألزقت ضربك إياه بالسوط ، فما اتسع من هذا فى الكلام فهذا أصله» (١) ، ويقسمه النحاة إلى ضربين : إلصاق حقيقى : نحو : لم يبق شىء يتعلق به المتغافل والمتجاهل ، والمقصود بالشىء أجزاء ملابسه ، ومنه : مررت بمحمود ، وأمسكت بالقلم ، وبثوبى.
إلصاق مجازى : نحو : مررنا بمجلس وليد القرشى ، الاستخفاف بالمثل والتهاون بالالتزام مضيّع للمرء.
٢ ـ التعدية :
حيث يتعدى بها الفعل اللازم إلى المفعول به ، نحو : يهتم العبد بشىء ولا يهتم بأعظم منه ، لا يدينون بالحقيقة ، ويذهب الجمهور إلى أن باء التعدية بمعنى همزة التعدية فلا تقتضى مشاركة الفاعل للمفعول ، أما المبرد والسهيلى فقد ذهبا إلى أن باء التعدية تقتضى مصاحبة الفاعل للمفعول فى الفعل. وقد يستعمل مفهوم التعدية بمعنى التصيير ، كأن تقول : خرجت بعلىّ ، أى : جعلته خارجا ، وذهبت به.
٣ ـ الاستعانة :
هى الداخلة على آلة الفعل : نحو : ضرب إياه بالسلاح ، وبعج بطنه بالحراب ، وفرى أوداجه بالمشاقص ، وشدخ هامته بالعصا ، وعدا على الناس بسيفه ، فالمجرور بالباء آلات لإحداث الفعل ، ومنه : كتبت بالقلم ، وحرثت بالمحراث ، وقطعت بالسكين ...
ويجوز أن يكون المجرور وسيلة لأداء الحدث وليس آلة بالمعنى المعهود ، نحو : التمثل بها كفر ، فأحسم به هذا الأمر ، وأميت به هذا الداء ، وأقطع به هذه الأفكار ، استعنت به لفهم القضية.
__________________
(١) الكتاب ٤ ـ ٢١٧.