اسم لا يكون إلا ظرفا ويدلّك على أنه اسم قول بعض العرب : نهض من عليه) (١) ، ولكنى أرى أن مقصود سيبويه أن هذا وجه آخر من أوجه (على) ، فإذا سبقت بحرف جر صارت اسما ، وهذا ما قال به الرمانى (٢) ، والزمخشرى (٣) ، ونرى أنهما قد أثبتا للأداة (على) الحرفية كما ذهب إلى ذلك سيبويه فى كتابه (٤) ، وقد ذكر ذلك صراحة فى باب الفاعل الذى يتعداه فعله إلى مفعولين ، فإن شئت اقتصرت على المفعول الأول ، وإن شئت تعدى إلى الثانى كما تعدى إلى الأول ، حيث ذكر سيبويه حذف (على) على أنها حرف من حروف الإضافة ، كما يسمى حروف الجر (٥) ، وهو يدخل على المظهر والمضمر.
وردت (على) حرف جر ليؤدى المعانى التالية من خلال السياق :
١ ـ الاستعلاء :
وهو أصل معانيها ، ولم يثبت أكثر البصريين لها إلا هذا المعنى ، وتأولوا ما كان غير ذلك (٦) ، والاستعلاء إما أن يكون حسيا ، نحو : فأعادوا على البيت بالهدم ، وكذلك : لا يقدر عليه إلا هو ، وإما أن يكون معنى ، نحو : أتم نعمته عليك ، وكذلك قوله : وصلواته على سيدنا محمد ونبيه. ومن الاستعلاء الحسى قوله تعالى : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [المؤمنون : ٢٢] ، ومن الاستعلاء المعنوى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : ٢٢٨] (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) [الرحمن : ٢٦] استعلاء حسّى.
٢ ـ المجاوزة :
وذلك نحو : لا تزيد على ذلك ، والتقدير لا تزيد عن ذلك ، حيث تكون (على) بمعنى (عن) ، فتفيد مدلول المجاوزة. وكذلك الواقعة بعد الأفعال : خفى ، وتعذر ، واستحال ، وغضب ، ورضى وأشباهها.
__________________
(١) الكتاب : ٤ ـ ٢٣١.
(٢) انظر : معانى الحروف ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١٠٩.
(٣) انظر : المفصل ٢٨٨.
(٤) انظر : الكتاب ٤ ـ ٢٣٠ ، ٣٢١.
(٥) انظر : الكتاب ١ ـ ٣٧ ، ٣٨.
(٦) انظر : المراجع السابقة / التسهيل : ١٤٦ / الإتقان ٢ ـ ٢٣٧ ـ ٢٣٩ / شرح ابن عقيل ١ ـ ٢٠٧ ، ٢٠٨.