وردت على هذا النحو فى القول : ربّ كلمة لا توضع إلّا على معناها كالحزم والعلم ، حيث ورد مجرور (رب) وهو (كلمة) نكرة موصوفة بالجملة الفعلية (لا توضع) ، وتكون فى محل جر على اللفظ ، وفى محل رفع على المحل.
من خصائص (رب) أن صفة الاسم المجرور بها إذا كانت فعلا لزم أن يكون ماضيا أو للحال ، تقول : ربّ رجل لقيته (١) ، حيث (لقيته) جملة فعلية فى محل جر ، نعت لمجرور (رب) على اللفظ ، أو فى محل رفع ، نعت على المحلّ ، وتقول : ربّ صديق أعاشره ، فالجملة الفعلية (أعاشره) نعت لمجرور (رب) وهو صديق ، وفعل النعت الأول ماض ، وفعل النعت الثانى مضارع.
ومنه كذلك : ربّ كلمة تغنى عن خطبة ، وتنوب عن رسالة ، بل ربّ كناية تربى عن إفصاح ، ورب رجل كريم لم أفارقه. وقول رجل من أزد السراة :
ألا ربّ مولود وليس له أب |
|
وذى ولد لم يلده أبوان (٢) |
يفهم التكثير منها فى قوله عليه السّلام : «يا رب كاسية فى الدنيا عارية يوم القيامة» (٣).
ومجرور (رب) يكون مبتدأ دائما ، فهو مجرور لفظا مرفوع محلا.
وإن كان مجرورها ضميرا فلا يكون إلا ضمير غائب مفرد مذكر ، وربما يراد به المفرد المذكر وغيره ، ويجب أن يفسر بنكرة بعده تطابق المعنى المراد ، وتنصب على التمييز ، فتقول : ربّه رجلا ، أو رجلين ، أو رجالا ، أو امرأة ، أو امرأتين ، أو نساء ، ولكن الكوفيين يذهبون إلى مطابقة التمييز والضمير فى العدد والنوع ، فيقول : ربه رجلا ، ربهما رجلين ، ربهم رجالا ، ربها امرأة ، ربهما امرأتين ، ربهن نساء.
ويستغنى بدلالة الإضمار على التفخيم عن ذكر الوصف ، كما هو فى قول الشاعر :
ربه فتية دعوت إلى ما |
|
يورث الحمد دائما فأجابوا (٤) |
__________________
(١) ينظر : الهادى فى الإعراب ١٠٦.
(٢) ينظر : شرح المفصل ١٠ ـ ١٢٦ / المغرب ١ ـ ١٩٩ / أوضح المسالك ٢ ـ ١٤٥.
(٣) ينظر : البخارى ، كتاب التهجد.
(٤) ينظر : المساعد ٢ ـ ٢٩١ / المغنى ٢ ـ ٤٩١ / الدرر ٢ ـ ٢٠ ، ٢١.