الأول : ألا يكون ما بعد (حتى) جزءا مما قبلها ، فلا يجوز ـ حينئذ ـ أن يقع الفعل الذى يسبقها على ما بعدها وقوع الإشراك أو الإتباع ؛ لأن معموله الذى يسبقها لا يتضمن ما تلاها ، فتتعلق مع ما بعدها بالفعل الذى سبقها تعلق شبه الجملة بالعامل ، فتكون جارة ، والتقدير فيها : (إلى). وكأن الغاية منتهية عند أول ما بعدها ، ولهذا لم يدخل. مثل ذلك : سرت حتى مغيب الشمس ، أى : إلى مغيب ، فمغيب مجرور بحرف الغاية والجر حتى ، ولم يقع السير ـ حينئذ ـ فى المغيب ، فغايته انتهت عند أول المغيب. ومنه قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥] ، حيث ما بعد (حتى) غير داخل فى معنى ما قبلها ، فتكون (حتى) بمعنى (إلى) ، وكأن الغاية تنتهى عند ابتداء ما بعدها ، فيجر الاسم (مطلع) بحرف الجر (حتى) ، وتكون علامة جره الكسرة.
الثانى : أن يكون ما بعد (حتى) جزءا مما قبلها ، أى : من جنسه ، لكنه ليس داخلا فيما دخل فيه من معنى بوجود قرينة تدلّ على ذلك ـ حينئذ ـ لا يكون ما بعدها واقعا فيما وقع فيه ما قبلها ، فلا يكون بينهما إشراك أو إتباع ، وكأن الغاية منتهية عند أول ما بعدها فلا يدخل فيما بعدها ، فتكون (حتى) بمعنى (إلى) ، وتجرّ ما بعدها. مثل ذلك : صمت الأيام حتى يوم الفطر ، أى : إلى يوم الفطر ، فيوم مجرور بحرف الغاية والجرّ (حتى) ، ولم يقع الصوم فى يوم الفطر ، وتكون غاية الصيام قد انتهت عند أول يوم الفطر ، والقرينة أن الصوم محرم يومى العيدين.
ومما خرج مما قبلها ـ وهو من جنسه ـ لوجود قرينة قول الشاعر :
سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت |
|
لهم فلا زال عنها الخير محدودا (١) |
فما بعد (حتى) مجرور بها ، وهى بمعنى (إلى) ، وهو خارج مما قبلها ـ على الرغم من أنه من جنسه ـ وذلك لوجود قرينة ، وهى دعاء الشاعر على ما بعد حتى بانقطاع الخير أو محدوديته.
__________________
(١) المساعد ٢ ـ ٢٧٢ / المغنى ١ ـ ١٢٤ / الأشمونى مع الصبان ٢ ـ ٢١٤ / الدرر ٢ ـ / ١٧ وفى البيت رواية : مجدودا ، ومجذوذا ، وهو يعنى الانقطاع ، والحيا : المطر ، وقد يمدّ.