أى : وكل ذى غربة ، فحذف المضاف ، وأبقى المضاف إليه مجرورا ، وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وتلحظ أن المحذوف معطوف على المضاف المذكور (كل).
ومما يعدّ عند الكثيرين شاذا قراءة سليمان بن جمّاز المدنى (١) قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] ، بجر (الآخرة) على تقدير حذف مضاف معطوف على (عرض) ، ويقدر بمثل لفظه ، فتكون : والله يريد عرض الآخرة ، فحذف المضاف ، وبقى المضاف إليه مجرورا بدون شرط ، حيث يشترط فى حذف المضاف المعطوف ألا يفصل بين المحذوف وحرف العطف ، أو يكون الفاصل (لا).
ثانيا : حذف المضاف إليه :
قد يحذف الجزء الثانى من الإضافة وهو المضاف إليه ، ويبقى الجزء الأول وهو المضاف على أحوال ثلاثة : إما البناء ، وإما التنوين ، وإما عدم التنوين على نية الإضافة.
أولاها : البناء :
قد يحذف المضاف إليه لفظا ، ويبقى المضاف مبنيّا على الضم وذلك إذا كان المضاف إليه معرفة ، وهذا يحدث بعد أسماء الجهات الست ، وهى ما تسمى بالغايات ، حيث تكون حينئذ مقطوعة عن الإضافة لفظا لا معنى. من ذلك قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] ، والتقدير : من قبل النصر ومن بعد النصر ، فحذف المضاف إليه ، وبقى المضاف الظرف المبهم (قبل ، وبعد) مبنيّا على الضم فى محل جرّ.
كما يحذف ما أضيف إلى ما هو شبيه بالغايات ، من مثل : غير ، وأول ، وعل ، وحسب ... وتبنى على الضمّ كذلك لانقطاعها عن الإضافة لفظا لا معنى ، فالإضافة معها منوية معنى.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ ـ ٤٣٧.