والسادس : التعارض في الشيئين في جميع أصناف الألفاظ الّتي يتلقى منها الشرع ، الأحكام بعضها مع بعض ، وكذلك التعارض الّذي يأتي في الأفعال أو في الإقرارات ، أو تعارض القياسات أنفسها ، أو التعارض الّذي يتركب من هذه الأصناف الثلاثة : أعني معارضة القول للفعل أو للإقرار أو للقياس ، ومعارضة الفعل للإقرار أو للقياس ، ومعارضة الإقرار للقياس. (١)
الثاني : ما هو الحافز للاختلاف بين الفقهين السني والشيعي؟ وهذا هو الذي نبحث عنه في المقام.
نعم هذه الأُمور الستة هي أسباب الاختلاف بين فقهاء أهل السنّة ، لكن أسباب الاختلاف بين الفقهين : السني والشيعي ترجع إلى الاختلاف في الكبريات أي حجّية أُمور يأتي الكلام عنها ، لا إلى الصغريات الّتي ذكرها ابن رشد ، ولعلّنا نستقصي في خاتمة المطاف الأُمور الّتي وسعت الشقةَ بين الفقهين ، ولكن نكتفي هنا ببيان سبب واحد.
الإعراض عن أحاديث العترة الطاهرة
إنّ العترة الطاهرة ـ بتنصيص النبي قرناء الكتاب وأعداله ، حيث قال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا».
والحديث متواتر أو متضافر ، رواه الفريقان ، أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي في سننه وأحمد في مسنده إلى غير ذلك من المصادر المتوفّرة. (٢)
__________________
(١) بداية المجتهد : ١ / ٦٥ ، ط دار المعرفة ، بيروت
(٢) لاحظ صحيح مسلم : ٧ / ١٢٢ و ١٢٣ ، باب فضائل علي ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٠٨ ؛ مستدرك الصحيحين : ٣ / ١٠٩ و ١٤٨ ؛ مسند أحمد : ٣ / ١٧ و ٢٦ و ٤ / ٣٧١ و ٥ / ١٨١ ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد : ٢ / ٢ ؛ حلية الأولياء : ١ / ٣٥٥ و ٩ / ٦٤ ؛ كنز العمال : ١ / ٤٧ و ٩٦.