فعلى ذلك قولهم حجة قاطعة ، مصون من الخطأ كالكتاب العزيز بحكم انّهما عِدْلان وصنوان.
والحديث يركز على أنّ المرجع العلمي بعد رحيل النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ هو الكتاب والعترة ، وانّ قول العترة قول الرسول وكلامه ، وبقولهم تحفظ السنّة عبر القرون ، غير أنّ أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم تلقّوا روايات أهل البيت فتاوى خاصة لهم ، فلم يعتبروها حجّة شرعية على الجميع ، وهذا النوع من التفسير لأحاديثهم مخالف لحديث الثقلين أوّلاً وكلامهم ثانياً ، فإنّهم يعتبرون كل ما يروون ، سنّة الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يرويه كابر عن كابر إلى أن يصل إلى الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
هذا هو النجاشي ينقل في ترجمة محمد بن عذافر الصيرفي عن أبيه قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ ، فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر ـ عليهالسلام ـ له مكرِماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر ـ عليهالسلام ـ : «يا بني قم فأخرج كتاب عليّ ـ عليهالسلام ـ» فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ، ففتحه وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر ـ عليهالسلام ـ : «هذا خط عليّ ـ عليهالسلام ـ وإملاء رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ» وأقبل على الحكم ، وقال : «يا أبا محمد اذهب أنت وسلمة بن كهيل وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً ، فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل ـ عليهالسلام ـ». (١)
فإذا كانت هذه مكانة أحاديث أئمة أهل البيت وأنّهم حفظة السنّة وعيبة علم الرسول ، فلا حجّة للسنّيّ في الإعراض عن أحاديثهم والالتجاء إلى قواعد ، كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وفتحها وقول الصحابي إلى غير ذلك من القواعد الّتي ألجأهم إلى تأسيسها وإرسائها قلّة النصوص النبويّة في
__________________
(١) رجال النجاشي : ٢ / ٢٦١ ، الترجمة ٩٦٧.