الشريعة والأحكام الفرعية.
ولكنّهم لو رجعوا إلى أحاديث أئمة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ، فيما لم يرد فيه نصّ في الكتاب والسنّة النبويّة لاستغنوا عن إرساء هذه القواعد والعمل بالظنون الّتي لا تغني من الحق شيئاً.
ويظهر ممّا رواه البخاري وغيره أن النبي الأكرم ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان بصدد التصريح باسم من يشغل منصّة الحكم ومرجعية الأحكام في أُخريات أيامه ، لكن حال بعضهم دون تحقيق أُمنيّة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
أخرج البخاري في كتاب العلم عن ابن عباس ، قال : لمّا اشتدّ بالنبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وجعُهُ ، قال : ائتوني بكتاب أكتبُ لكم كتاباً لن تضلّوا بعده. قال عمر : إنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ غَلَبَهُ الوَجَع ، وعندنا كتاب الله حسبُنا. فاختلفوا وكَثُرَ اللَّغَط قال : «قوموا عنّي ، ولا ينبغي عندي التنازع» فخرج ابن عباس يقول ، إنَّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبين كتابه. (١)
والحقّ أنّها كانت رزيّة ليس فوقها رزيّة ، فإنّ الحيلولة بين النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأُمنيّته الكبرى ، وهو طريح الفراش ، فرّقت المسلمين ، وشتتت شملهم إلى يومنا هذا ، وظهرت خلافات على كافة الأصعدة.
والذي يميط الستر عن وجه الحقيقة ، هو ما رواه ابن أبي الحديد عن أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب «تاريخ بغداد» في كتابه مُسنداً ، حيث قال : روى ابن عباس (رض) ، قال : دخلتُ على عُمَر في أوّل خلافته ، وقد أُلقي له صاعٌ من تمر على خَصَفة ، فدعاني إلى الأكل ، فأكلت تمرة واحدة ،
__________________
(١) صحيح البخاري : ١ / ٣٨ ، كتاب العلم ، الحديث ١١٤ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٢٠ ه. وللحديث أطراف في صحيح البخاري ، لاحظ الأرقام التالية : ٣٠٥٣ ، ٣١٦٨ ، ٤٤٣١ ، ٤٤٣٢ ، ٥٦٦٩ ، ٧٣٦٦.