والانحراف.
يلاحظ عليه : أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروط بالتمكن منه ، فمرتبة منه وظيفة الفرد وهو الأمر بالمعروف بكراهية القلب واللسان ، ومرتبة منه وظيفة المجتمع وعلى رأسه الدولة صاحبة القدرة والمنعة ، فالممارس للتقية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب مقدرته ولو لا القدرة فلا حكم عليه ، لأنّ الله سبحانه لا يكلف نفساً إلاّ وسعها.
ومع ذلك فالممارس للتقية يتحيّن الفرص للانقضاض على الواقع الفاسد وتغييره ، فلو ساعدته الظروف على هذا التغيير فحينها يتخلّى عن التقية ويجاهر بالحقّ قولاً وعملاً.
الشبهة الخامسة : التقية من المسلم من البدع
ربما يتصور انّ التقية من اختلافات الشيعة وانّها لا دليل عليها من الكتاب والسنّة ، وذلك لأنّ الآيات الواردة في التقية ترجع إلى اتّقاء المسلم من الكافر ، وأمّا اتّقاء المسلم من المسلم فهذا ما لا دليل عليه من الكتاب والسنة.
الجواب
إنّ مورد الآيات وإن كان هو اتّقاء المسلم من الكافر ، ولكن المورد كما هو المسلم لا يكون مخصِّصاً ، إذ ليس الغرض من تشريع التقية عند الابتلاء بالكفار إلاّ صيانة النفس والنفيس من الشر ، فإذا ابتُلي المسلم بأخيه المسلم الذي يخالفه في بعض الفروع ولا يتردد الطرف القوي عن إيذاء الطرف الآخر ، كأن ينكل به أو ينهب أمواله أو يقتله ، ففي تلك الظروف الحرجة يحكم العقل السليم بصيانة